القصة مستمرة.. أسرار اختيار محمد صلاح الاستمرار مع ليفربول

بعد أشهر طويلة من الشد والجذب، والتكهنات التي لم تتوقف، أسدل ليفربول الستار اليوم على أحد أكثر المسلسلات إثارة في سوق الانتقالات، بإعلانه رسميًا عن تجديد عقد نجمه المصري محمد صلاح حتى صيف 2027.
بهذا القرار، يمدد “مو” رحلته التاريخية مع “الريدز” لموسم عاشر، في وقت كانت فيه كل الأنظار تتجه إلى السعودية، حيث الأموال الطائلة والعروض الخيالية التي تضع أي نجم في اختبار صعب؛ لكن صلاح، مرة أخرى، قرر أن يكتب قصته بطريقته الخاصة، ويختار المجد على المال، والإرث على كل شيء.
winwin علم أن النجم المصري وقع بالفعل على عقده الجديد يوم الأربعاء الماضي، بعد الاتفاق على راتب أسبوعي يقدر بـ400 ألف جنيه إسترليني، ليكون الأعلى في تاريخ النادي، لكنه لا يزال أقل بكثير من عرض سعودي محتمل لأفضل وأشهر لاعب عربي مسلم في التاريخ.
فلماذا اختار صلاح الاستمرار؟ دعونا نروي القصة من البداية
صلاح وتعزيز أسطورته في البريميرليغ
منذ أن وطأت قدماه ملعب “أنفيلد”، وصلاح يحفر اسمه بحروف من ذهب؛ أرقام قياسية، بطولات قارية ومحلية، وجماهير لم تهتف باسم لاعب بهذا الشكل منذ أيام الملك كيني دالغليش. الفرعون لم يكتفِ بما أنجز، بل يرى أن لديه المزيد ليقدمه. هدفه واضح: أن يصبح أعظم من ارتدى قميص ليفربول، وأيقونة لا تُنسى في تاريخ البريميرليغ.
الكرة الذهبية.. الحلم المستمر
رغم سنوات المجد، لم ينل صلاح بعد “الجائزة الفردية الأهم” في كرة القدم: الكرة الذهبية. هو يدرك جيدًا أن تحقيق هذا الحلم يتطلب البقاء في دائرة الضوء، وفي أعلى مستويات المنافسة. ومن هذا المنطلق، رفض فكرة الانتقال إلى الدوري السعودي، حيث يعلم أن فرصه في التتويج بها ستتلاشى. تجربة صديقه ساديو ماني الذي خفت بريقه بعد الانتقال للنصر، كانت واحدة من العلامات التي وضعها في الحسبان.
المال ليس كل شيء
في صيف 2023، كان عرض الاتحاد السعودي ضخمًا لدرجة يصعب تجاهلها، وفي الصيف المقبل كان ليحظى براتب سنوي يبلغ 150 مليون يورو مع الهلال ، ومع ذلك، لم يكن المال أبدًا هو العامل الحاسم في قرار صلاح. بالنسبة له، كان التقدير أهم، وكان مطلبه واضحًا: أن يحصل على ما يستحقه من نادٍ يعرف قيمته. وهذا ما تحقق في نهاية المطاف، بعد مفاوضات ماراثونية امتدت لأشهر.
أرني سلوت.. المدرب الذي غير المعادلة
منذ رحيل يورغن كلوب، كان البعض يتوقع أن يكون الفرعون المصري أول المغادرين، لكن ما حدث كان العكس تمامًا. المدرب الهولندي أرني سلوت نجح في كسب ثقة صلاح سريعًا.. العلاقة بينهما تقوم على الهدوء والاحترام والوضوح. لا ضغط، لا توتر.. صلاح وجد راحته مع سلوت، ووكيله رامي عباس مدح المدرب في تغريدة بشهر فبراير جاء فيها: ” مميز في عمله”. كما أن النتائج المميزة لليفربول تحت قيادة سلوت أسهمت في حسم القرار وهو البقاء.
المنتخب في الحسبان
مع اقتراب كأس الأمم الأفريقية 2025، ثم كأس العالم 2026، يدرك “مو” أن الاستمرار في أعلى المستويات هو المفتاح لتحقيق إنجاز مع “الفراعنة”. رغبته في تحقيق لقب كبير مع منتخب مصر كانت عاملًا مؤثرًا، فهو يرى أن البقاء في أوروبا يمنحه الأفضلية بدنيًا وفنيًا ليقود منتخب بلاده نحو الحلم.
العائلة أولًا ثم كل شيء
حين اقترب نادي الاتحاد من ضم النجم المصري في 2023، كان الاتفاق قريبًا جدًا. لكن السبب الأبرز في الرفض لم يكن فنيًا أو ماليًا. بل كان عائليًا. صلاح لا يخفي أن ارتباط عائلته بمدينة ليفربول كان عاملًا لا يمكن تجاهله، خاصة ابنته مكة التي أصبح النادي والمدينة جزءًا من هويتها. هذه التفاصيل الصغيرة التي لا تُرى على ورق العقود، كانت كافية لترجيح كفة البقاء.
التفكير في الرحيل؟ فقط في فبراير
النجم المصري لم يفكر قط في الرحيل لكنه بدأ يراجع خطوته القادمة في فبراير الماضي، حين شعر بأن المفاوضات مع إدارة النادي لا تسير بالشكل الأمثل. هذا ما أكده صديقه المقرب وزميله السابق ديان لوفرين في حوار حصري مع winwin، حين أشار إلى أن النجم المصري بدأ يفكر فعليًا في مستقبله لأول مرة.
مارس.. لحظة الانفراجة
بدأت الأمور تتغير في مارس. مع احتمالية رحيل ترينت ألكسندر أرنولد في الصيف، بدأ النادي يعيد حساباته المالية. تراجع الضغط على سقف الرواتب، وبدأت المحادثات تتقدم بشكل جدي. وهنا، ظهرت رغبة الطرفين الحقيقية في الاستمرار، فصلاح لم ير نفسه في أي ناد آخر، رغم أن إدارة ليفربول كانت ترى سابقًا أن رحيله “أقرب”، نظرًا لعمره وراتبه المرتفع، لكن اللاعب رد في الملعب، بموسم استثنائي أعاد فرض نفسه كواحد من أفضل لاعبي العالم، لتعود الإدارة وتعيد التقدير، وتُبرم الاتفاق الذي طال انتظاره.
محمد صلاح لم يجدد عقده فقط، بل جدد انتماءه للمكان الذي صنع فيه المجد، وقرر أن يكمل فصول حكايته في مسرح “أنفيلد”. اختار المجد على المال، وقرر أن يظل جزءًا من “الريدز” حتى 2027… ولعل النهاية ستكون أسطورية تمامًا كما كانت البداية.